على خفيف

كلمات خفيفة سريعة لطيفة و قد تكون احيانا ظريفة



لا أعرف عن والدي شيئا من الضعف ..

سمعت من غيره روايات عن صباه .. حين كان العراك يحتل منزلة عالية بين هواياته

تخرج من كلية الضباط وقد ازداد عنفوانا وصلابة .. كحال غيره من زملائه

كنت أرى منه القوة ورباطة الجأش في كثير من المواقف .. لعل أبرزها ايام الغزو

تعلمت منه ..

أن دمعة الرجل عزيزة ..

أنها لا تنزل أبدا ..

"افا .. ارفع راسك .. انت ريال"

نحتت في داخلي منذ الصغر

...

منذ سنة ٢٠٠٤

والوالد في صراع مع السرطان

تارة يشتد في القولون .. وتارة في الرئة .. وتارة في المخ

والآن هو في الرئة .. يضيق عليه التنفس .. و في العظام يؤلمه ويحرم عينه المنام

قبل أيام .. سمعته يحادث صديقا له فيقول : لا عليك يا ابا فلان .. فالكرسي المتحرك يقضي حاجتك و يسهل دروبك .. انت اقوى من ذلك كله .. استعن بالله ..

قد تظن عزيزي القارئ ان المتحدث هو صديق الوالد ..

لا !!

بل كانت هذه كلمات أبي .. يوجهها لصديقه الذي بلغ من الكبر عتيا ..

اذا كان هذا حاله .. فما الذي أبكاه ؟

...

ذهبت صباح اليوم لآخذ والدي للمستشفى

فلما ركب السيارة

قال : لم استطع الذهاب للمسجد لصلاة الفجر .. لم تستطع رجلاي حملي

وأخذ يبكي ..

اكمل وهو يدافع العبرات : اريد كرسيا متحركا "لا تفوتني الصلاة"

واسيته بما لا يخفى عليكم

حتى إذا دخل عيادة العلاج الإشعاعي

غلبتني عبراتي .. فكم من صلاة نمت عنها .. ولم تدمع عيني ؟

وكم من واجب قصرت فيه .. ولم تدمع عيني ؟

وكم من باب خير أُغلق دوني .. ولم تدمع عيني ؟

أثر فيّ جدا .. أنه أجلد مني عند الجد .. وأرق قلباً أمام رب العالمين .. احسبه والله حسيبه ..

و أنت أيها القارئ .. هل تدبرت حديث النبي عليه الصلاة والسلام : ( امسك عليك لسانك ، وليسعك بيتك ، و ابك على خطيئتك ) ؟

اللهم آجر والدي في مصيبته .. واكتب له الشفاء العاجل

واجعلني و من يقرأ هذه الكلمات ممن خافك واتقاك واتبع رضاك ..